الخميس، 30 مايو 2013

أفريقيا أكبر القارة غنية بالثروات :



ترتبط القارة الإفريقية في أذهان الكثيرين ، بأنها قارة مغمورة ومنسية ، ويعصف بسكانها الفقر والجوع والتخلف ، وأنها منهكة بالحروب والصراعات العرقية والطائفية ، وغير قادرة على النهوض والوقوف على أقدامها ، والكشف عن مكامن أسرار قدراتها البشرية والمادية ، واقتحام ميادين ورحاب التقدم الصناعي والاقتصادي ، ولكن الحقائق والدراسات والبحوث العلمية ، تدحض وتنفي كل هذه الأفكار المغلوطة والمحبطة لهمم وعزيمة شعوب هذه القارة الواعدة ، وتبين أن ما عانت وتعاني منه هذه القارة من أذى وأضرار وعجز عن استغلال مواردها وثرواتها الطبيعية والمعدنية ، هو نتيجة لمخلفات وترسبات الحقبة الاستعمارية المريرة ، التي أدخلت إفريقيا في ظلام دامس ، وحالت بينها وبين استكشاف ومعرفة واستثمار ما تختزنه من كنوز ودرر إستراتيجية ثمينة .

فإفريقيا تمتلك على ظهرها وفي باطنها موارد معدنية وطبيعية هائلة ، إذ أن لديها 75 بليون برميل من احتياطي النفط ، وبما نسبته 9% من الاحتياطيات العالمية لهذا المورد الحيوي ، وتنتج إفريقيا حوالي ثلاثمائة مليون طن منه لتوليد الطاقة ، وقد سجلت المناطق شبه الصحراوية في القارة في السنوات الأخيرة اكتشافات نفطية ، من شأنها أن ترفع من معدلات إنتاجها من النفط في المدى القريب ، كما أن إفريقيا تنتج 22مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا ، وبنسبة 7.5% من إجمالي الإنتاج العالمي من هذا المورد الاقتصادي ، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه النسبة في السنوات القادمة ، وذلك بالنظر إلى الكميات الضخمة ، التي تم اكتشافها في أنحاء متعددة من القارة ، وتعكف الآن الشركات المتخصصة على استخراجها واستخدام أحدث التقنيات والمعدات الصناعية في ذلك ، ويبلغ احتياطي الغاز الطبيعي في إفريقيانحو 477تريليون قدم مكعب ، وبنسبة 6.9%من الاحتياطي العالمي أما بالنسبة للطاقة الشمسية ، فإن إفريقيا تمتلك أكبر مخزون لهذا النوع من الطاقة ،حيث توجد بها أكبر وأوسع صحارى العالم ، التي تعد المصدر الأساس لتوليد الطاقة الشمسية، وتمتلك القارة الإفريقية 95 % من احتياطي الماس في العالم ، وتنتج 50 % من معدل الإنتاج العالمي من هذا المعدن الثمين ، كما أنها تنتج 70 % من معدل الإنتاج العالمي من الذهب ، و33 % من النحاس ، و 76 % من الكوبالت ، وتمتلك إفريقيا 90%من احتياطي العالم من البلاتين ، وتنتج حوالي 75%من هذا المعدن ، كما أنها تنتج 9 % من الحديد ، ويتراوح احتياطيها من الحديد والمنجنيز والفوسفات واليورانيوم من 15-30 % من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المعادن والموارد الطبيعية .

وتفيد التوقعات أن هذه النسب والمعدلات مرشحة للارتفاع ، وذلك بالنظر إلى أن أجزاء كثيرة من القارة لم تشملها المسوحات الجيولوجية ، وقد تبين من الدراسات والأبحاث العلمية المختصة أن هذه الأجزاء تحتوي على تركيبة جيولوجية ، مكونة من الصخور البلورية والمتحولة القديمة ، وهي أكثر الصخور التي تحوي في تكوينها نسباً عالية من المعادن المتنوعة ، ومن هنا يمكن القول إن القارة الإفريقية ستكون المورد الأساس للصناعة في العالم مستقبلاً ، وإن كل دول وقارات العالم ، التي تعاني من شح ونضوب تدريجي في مواردها المعدنية حاليا ،ً ستعتمد في المستقبل على ما تنتجه إفريقيا من معادن ، إذا ما أرادت لعجلة حركتها الصناعية والاقتصادية أن تدور وتستمر . فكل الظروف والمعطيات الراهنة والمستقبلية تجعل من إفريقيا محط أنظار واهتمام المستثمرين والباحثين عن مصادر ومناجم الموارد والمعادن في هذه القارة ، والاستفادة منها في تمويل وإدارة الحركة الصناعية والإقتصادية المتنامية والمتطورة في العالم.

إن إفريقيا وفي ظل الظروف والمناخات السياسية والاقتصادية الإيجابية ، التي توفرت لها بعد قيام الاتحاد الإفريقي ، وتوطد روابط التعاون والتنسيق والتكامل بين بلدانها ، صارت قادرة على وضع استراتيجية جديدة ، للاستفادة من مواردها المعدنية والطبيعية الضخمة ، بما يخدم ويحقق أهدافها وطموحاتها المستقبلية ، في تحسين أوضاعها المعيشية ، وخلق قاعدة صناعية متطورة ، والرفع من معدلات المنتجات الصناعية المتوفرة في القارة ، مثل صناعة المنظفات والأثاث والأحذية ، وبعض أجزاء السيارات والآلات ، المنتشرة بشكل خاص في دول جنوب القارة وشمالها ، ومع ذلك فإن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن استفادة إفريقيا من مواردها وثرواتها المعدنية الضخمة تكاد لاتذكر، ولا يسهم التصنيع إلا بنسبة ضئيلة جدا في الاقتصاد الإفريقي ، ومعظم هذه الموارد تصدر للخارج كمواد خام وبأسعار زهيدة ، وليس أمام الدول الإفريقية من خيار لاستثمار هذه المواد في الداخل ، وعدم السماح باستنزافها وتفريغ القارة منها ، سوى التوقف بجدية أمام هذه المعضلة ، والبحث عن حلول عملية ، تحمي هذه الثروة ، وتجعلها ورقة ضغط رابحة وقوية في أيدي الأفارقة، وذلك من خلال توفير الإمكانيات والقدرات البشرية والمادية والتقنية ، لاستغلالها الاستغلال الأمثل ، وفق استراتيجية إفريقية مشتركة ومكملة لبعضها البعض ، فالموارد الطبيعية والمعدنية وفق مقتضيات العصر، الذي يتصدر سلم اهتماماتة العامل الاقتصادي، هي سلاح فعال وأساسي لدخول معركة التنمية والانتصار فيها ، وعلى إفريقيا التي تمتلك هذا السلاح أن ترمي بكل ثقلها ، لاقتحام هذه المعركة بقوة ، وأن تثبت وجودها فيها، فليس هناك اليوم مجال للتردد وتضييع الوقت ، والتعويل على السياسات والتعاملات الاقتصادية والتجارية المحدودة والضيقة التي اتسمت بها مرحلة الدولة الوطنية ، التي انتهت صلاحيتها وبطل مفعولها ، بل إن التنافس والتسابق بين القوى والاتحادات والتكتلات والفضاءات الكبرى ، لفرض نفوذها الاقتصادي والتجاري في العالم ، على أشده اليوم ، وليس لأي منها القدرة على وضع ستار حديدي ، يمنع عنها التأثيرات والاختراقات الخارجية ، فإفريقيا الآن أمام تحد خطير ، ولايمكن أن تتغلب عليه إلا بإعادة النظر في بنيتها وتركيبتها السياسية والاقتصادية ، ووضع أسس وقواعد هيكلية موحدة ، من خلال التسريع بإقامة حكومة الوحدة الإفريقية بوزاراتها المختلفة ، والتي من بينها وزارة التجارة الخارجية ،وإلغاء الجمارك ، وتوحيد التعريفة الجمركية ، لتسهيل عمليات التبادل الاقتصادي والتجاري ، واستيعاب إمكانيات وموارد وثروات القارة المعدنية والطبيعية وتسخيرها لتلبية متطلبات واحتياجات شعوبها المتزايدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق